"كانبار حسين بور".. أول مفوض بريطاني سامٍ من أصول مهاجرة

"كانبار حسين بور".. أول مفوض بريطاني سامٍ من أصول مهاجرة
كانبار حسين بور

 

في لحظة اعتُبرت علامة فارقة في التاريخ الدبلوماسي البريطاني، عُيّن كانبار حسين بور مفوضًا ساميًا للمملكة المتحدة لدى فيجي، ليصبح بذلك أول بريطاني من أصول لاجئة في تاريخ البلاد يصل إلى هذا المنصب الرفيع في السلك الدبلوماسي، حاملاً دلالات قوية في زمن تتصاعد فيه الخطابات المعادية للمهاجرين واللاجئين في أوروبا، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

رحلة صعبة

لم يكن طريق حسين بور مفروشًا بالورود؛ فقد وُلد في عائلة بلوشية بارزة على الحدود بين إيران وباكستان وأفغانستان، وفرّ مع أسرته من الاضطرابات التي أعقبت الثورة الإيرانية، في عام 1987، وعندما كان في السادسة من عمره، قطع الحدود الوعرة إلى باكستان ومنها إلى المملكة المتحدة، حيث انضمت والدته كلاجئة قبل أن يتمكن هو من اللحاق بها.

يتذكّر حسين بور رحلته الأولى من إيران إلى بريطانيا، وخوفه من دروب التهريب، لكنه يحمل في ذاكرته أيضًا لحظات محورية شكّلت وعيه، منها طيبة أحد المعلمين في رحلة مدرسية إلى فرنسا، واختياره لتمثيل شخصية ونستون تشرشل في مسرحية مدرسية، ما يعكس بداية اندماجه في المجتمع البريطاني الذي تبنّاه.

رغم أن والدته كانت قلقة عندما علمت أنه سيتقدّم بطلب للعمل في وزارة الخارجية البريطانية قبل عشرين عامًا، معتبرة إياها "معقلًا للمؤسسة"، فإن حسين بور تجاوز كل التوقعات، حيث بدأ كمستشار قانوني ثم شق طريقه في السلك الدبلوماسي، فخدم في العراق خلال الهجوم الأمريكي عام 2007، وتقلّد مناصب عدة قبل أن يُعيَّن اليوم في واحدة من أهم المهام الدبلوماسية البريطانية في المحيط الهادئ.

تحدي الصورة النمطية

عبّر حسين بور، البالغ من العمر 44 عامًا، عن امتنانه للشعب البريطاني الذي منحه الفرصة، مؤكدًا أن مسيرته ليست فقط قصة نجاح شخصي، بل تحدٍ للصورة النمطية عن اللاجئين، وقال: "أشعر بالقلق من تصوير اللاجئين وكأنهم يأخذون دون أن يعطوا.. ما أودّ التعبير عنه هو أنني أعطيت، وأعطي، لهذا البلد".

يأمل حسين بور أن يُلهم بتجربته أجيالًا جديدة، وأن يُعيد تعريف “معنى أن تكون بريطانيًا”، ويؤمن بأن المملكة المتحدة، رغم ما تشهده من جدل حول الهجرة والعرق، لا تزال من بين أنجح الدول في دمج المهاجرين، مستشهدًا بأسماء مثل وزير الخارجية الحالي ديفيد لامي ورئيس الوزراء السابق ريشي سوناك.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قد قال: "نحن فخورون بأننا نملك سلكًا دبلوماسيًا يتيح للأفراد من جميع الخلفيات الوصول إلى أعلى المناصب، قصة كانبار تجسّد هذه الروح".

تأتي هذه الخطوة في وقت تتصاعد فيه نقاشات الهجرة واللجوء في بريطانيا وأوروبا، وسط محاولات من اليمين المتطرف لتقييد حقوق اللاجئين والمهاجرين، وفي هذا السياق، تبدو قصة حسين بور أكثر من مجرد تعيين رسمي؛ إنها رسالة سياسية واجتماعية مفادها أن الانتماء لا يُقاس بالأصل، بل بالقدرة على العمل والمساهمة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية